سفينة تحمل سرّ الهوية
قبل أن يُكتشف النفط، وقبل أن تلمع أبراج الدوحة في الأفق، كان نبض قطر يرتعش على إيقاع أمواج الخليج وأغاني الغواصين.
لكن في عام 1928، صمتت تلك الأغاني وخيّم شبح الكساد على الشواطئ بعد انهيار تجارة اللؤلؤ، ووسط هذا السكون، دوى صوت جديد لم تألفه أذن البحر.
كان هذا هو صوت "فتح الخير"، أول مركب تقليدي يعمل بالمحرك في البلاد.
لم يكن مجرد سفينة، بل كان إعلانا عن فجر جديد، ورهانا على المستقبل في وقت غرق فيه الحاضر في اليأس، ليتحول مع مرور الزمن إلى أيقونة وطنية خالدة.
اسمه الذي اختير بعناية، كان بمثابة دعاء وتفاؤل بجلب الخير بعد سنوات عجاف، تتويجا لصفقة تمت بين الشيخ حمد بن عبد الله آل ثاني والطواش خليل بن إبراهيم الباكر - رحمهما الله - في خطوة كشفت عن رؤية ثاقبة للمستقبل.
في قصة هذا المحمل، تفاصيل ملهمة تجيب عن سؤال مهم: كيف تحول مركب بعينه إلى مصدر إلهام لتصميم موحد لكل المراكب القطرية، ليتربع في النهاية بفخر على شعار الدولة الرسمي.
يحمل هيكله الخشبي الذي يستقر اليوم في متحف قطر الوطني ذاكرة أسطول بحري بلغ 571 سفينة، كان عماد الاقتصاد في حقبة ما قبل النفط، لكن روحه لا تزال تبحر حول العالم، حاملة اسم "فتح الخير" في رحلات دولية تطلقها "كتارا".
هذه النسخة الحديثة من المحمل، التي روجت لمونديال قطر 2022، أصبحت سفيرا متنقلا يروي للأجيال الجديدة والعالم حكاية شعب صاغ من تحدياته أعظم رموزه.